فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{إِنّ الإنسان خُلِق هلُوعا}
الهلع سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير من قولهم ناقة هلوع سريعة السير وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وغيرهما عن عكرمة قال سئل ابن عباس عن الهلوع فقال هو كما قال الله تعالى: {إِذا مسّهُ الشر} إلخ وأخرج ابن المنذر عن الحسن أنه سئل عن ذلك أيضا فقرأ الآية وحكى نحوه عن ثعلب قال قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر ما الهلع فقلت قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أبين من تفسيره سبحانه يعني قوله تعالى: {إذا مسه الآية} ونظير ذلك قوله:
إلا لمعي الذي يظن بك الظ ** ن كأن قد رأى وقد سمعا

والجملة مؤكدة في موضع التعليل لماقبلها والإنسان الجنس أو الكافر قولان أيد ثانيهما بما روى الطستي عن ابن عباس أن الآية في أبي جهل بن هشام ولا يأبى ذلك إرادة الجنس والشر الفقر والمرض ونحوها وأل للجنس أي إذا مسه جنس الشر {جزُوعا} أي مبالغا في الجزع مكثرا منه والجزع قال الراغب أبلغ من الحزن فإن الحزن عام والجزع حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده ويقطعه عنه وأصله قطع الحبل من نصفه يقال جزعه فانجزع ولتصور الانقطاع فيه قيل جزع الوادي لمنقطعه والانقطاع اللون بتغيره قيل للخرز المتلون جزع وعنه استعير قولهم لحم مجزع إذ كان ذا لونين وقيل للبسرة إذا بلغ الارطاب نصفها مجزعة.
{وإِذا مسّهُ الخير} المال والغنى أو الصحة {منُوعا} مبالغا في المنع والإمساك وإذا الأولى ظرف لجزوعا والثانية ظرف لمنوعا والوصفان على ما اختاره بعض الأجلة صفتان كاشفتان لهلوعا الواقع حالا كما هو الأنسب بما سمعت عن ابن عباس وغيره وقال غير واحد الأوصاف الثلاثة أحوال فقيل مقدرة إن أريد اتصاف الإنسان بذلك بالفعل فإنه في حال الخلق لم يكن كذلك وإنما حصل له ذلك بعد تمام عقله ودخوله تحت التكليف ومحققه إن أريد اتصافه بمبدأ هذه الأمور من الأمور الجلية والطبائع الكلية المندرجة فيها تلك الصفات بالقوة ولا مانع عند أهل الحق من خلقه تعالى الإنسان وطبعه سبحانه إياه على ذلك وفي زوالها بعد خلاف فقيل إنها تزول بالمعالجة ولولاه لم يكن للمنع منها والنهي عنها فائدة وهي ليست من لوازم الماهية فالله تعالى كما خلقها يزيلها وقيل إنها لا تزول وإنما تستر ويمنع المرء عن آثارها الظاهرة كما قيل:
والطبع في الإنسان لا يتغير

وهذا الخلاف جار في جميع الأمور الطبيعية وقال بعضهم الأمور التابعة منها لأصل المزاج لا تتغير والتابعة لعرضه قد تتغير وذهب الزمخشري إلى أن في الكلام استعارة فقال المعنى إن الإنسان لا يثاره الجزع والمنع وتمكنهما منه ورسوخهما فيه كأنه مجبول عليهما مطبوع وكأنه أمر خلقي وضروري غير اختياري كقوله تعالى: {خُلِق الإنسان مِنْ عجلٍ} لأنه في البطن والمهد لم يكن به هلع ولأنه ذم والله تعالى لا يذم فعله سبحانه والدليل عليه استثناء المؤمنين الذين جاهدوا أنفسهم وحملوها على المكاره وطلقوها من الشهوات حتى لم يكونوا جازعين ولا مانعين وتعقب بأنه في المهد أهلع وأهلع فيسرع إلى الثدي ويحرص على الرضاع وإن مسه ألم جزع وبكى وإن تمسك بشيء فزوحم عليه منع بما في قدرته من اضطراب وبكاء وفي البطن لا يعلم حاله وأيضا الاسم يقع عليه بعد الوضع فما بعده هو المعتبر وإن الذم من حيث القيام بالعبد كما حقق في موضعه وإن الاستثناء إما منقطع لأنه لما وصف سبحانه من أدبر وتولى معللا بهلعه وجزعه قال تعالى لكن المصلين في مقابلتهم أولئك في جنات ثم كر على السابق وقال: {فمال الذين كفروا} [المعارج: 36] بالفاء تخصيصا بعد تعميم ورجعا إلى بدء لأنهم من المستهزئين الذين افتتح السورة بذكر سؤالهم أو متصل على أنهم لم يستمر خلقهم على الهلع فإن الأول لما كان تعليلا كان معناه خلقا مستمرا على الهلع والجزع إلا المصلين فإنهم لم يستمر خلقهم على ذلك فلا يرد أن الهلع الذي في المهد لو كان مرادا لما صح استثناء المصلين لأنهم كغيرهم في حال الطفولية انتهى وهذا الاستثناء هو ما تضمنه قوله تعالى: {إِلاّ المصلين} إلخ وقد وصفهم سبحانه بما ينبئ عن كمال تنزههم عن الهلع من الاستغراق في طاعة الحق عز وجل والإشفاق على الخلق والايمان بالجزاء والخوف من العقوبة وكسر الشهوة وإيثار الآجل على العاجل فقال عز من قائل: {الذين هُمْ على صلاتِهِمْ دائِمُون} أي مواظبون على أدائها لا يخلون بها ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل وفيه إشارة إلى فضل المداومة على العبادة وقد أخرج ابن حبان عن أبي سلمة قال حدثتني عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا قالت فكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام عليه وإن قل وكان إذا صلى صلاة دام عليها» وقرأ أبو سلمة {الذين هم على صلاتهم دائمون} وأخرج أحمد في مسنده عنها أنها قالت «كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة» قال جار الله أي ما فعل من أفعال الخير إلا وقد اعتاد ذلك ويفعله كلما جاء وقته ووجه بأن الفعلة للحالة التي يستمر عليها الشخص ثم في جعله نفس الحالة ما لا يخفى من المبالغة والدلالة على أنه كان ملكة له عليه الصلاة والسلام وقيل دائمون أي لا يلتفتون فيها ومنه الماء الدائم وروى ذلك عن عمران بن حصين وكذا عن عقبة بن عامر أخرج ابن المنذر عن أبي الخير أن عقبة قال لهم من {الذين هم على صلاتهم دائمون} قال قلنا الذين لا يزالون يصلون فقال لا ولكن الذين إذا صلوا لم يلتفتوا عن يمين ولا شمال وإليه ذهب الزجاج فتشعر الآية بذم الالتفات في الصلاة وقد نطقت الأخبار بذلك واستدل بعضهم بها على أنه كبيرة وتحقيقه في (الزواجر) وعن ابن مسعود ومسروق أن دوامها أداؤها في مواقيتها وهو كما ترى ولعل ترك الالتفات والأداء في الوقت يتضمنه ما يأتي من المحافظة إن شاء الله تعالى والمراد بالصلاة على ما أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي الصلاة المكتوبة وعن الإمام أبي جعفر رضي الله تعالى عنه أن المراد بها النافلة وقيل ما أمروا به مطلقا منها وقرأ الحسن {صلواتهم} بالجمع.
{والّذِين فِي أمْوالِهِمْ حقٌّ معْلُومٌ (24)}
أي نصيب معين يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى الله تعالى وإشفاقا على الناس وهو على ما روى عن الإمام أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه ما يوظفه الرجل على نفسه يؤديه في كل جمعة أو كل شهر مثلا وقيل هو الزكاة لأنها مقدرة معلومة وتعقب بأن السورة مكية والزكاة إنما فرضت وعين مقدارها في المدينة وقبل ذلك كانت مفروضة من غير تعيين.
{لّلسّائِلِ} الذي يسأل {والمحروم} الذي لا يسأل فيظن أنه غني فيحرم واستعماله في ذلك على سبيل الكناية ولا يصح أن تراد به من يحرمونه بأنفسهم للزوم التناقض كما لا يخفى.
{والذين يُصدّقُون بِيوْمِ الدين} المراد التصديق به بالأعمال حيث يتعبون أنفسهم في الطاعات البدنية طمعا في المثوبة الأخروية لأن التصديق القلبي عام لجميع المسلمين لا امتياز فيه لأحد منهم وفي التعبير بالمضارع دلالة على أن التصديق والأعمال تتجدد منهم آنا فآنا.
{والذين هُم مّنْ عذابِ ربّهِم مُّشْفِقُون} خائفون على أنفسهم مع ما لهم من الأعمال الفاضلة استقصارا لها واستعظاما لجنابه عز وجل كقوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} [المؤمنون: 60] وقوله سبحانه: {إِنّ عذاب ربّهِمْ غيْرُ مأْمُونٍ} اعتراض مؤذن بأنه لا ينبغي لأحد أن يأمن عذابه عز وجل وإن بالغ في الطاعة كهؤلاء ولذا كان السلف الصالح وهم هم خائفين وجلين حتى قال بعضهم يا ليتني كنت شجرة تعضد وآخر ليت أمي لم تلدني إلى غير ذلك.
{والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون إِلاّ على أزواجهم أوْ ما ملكتْ أيمانهم فإِنّهُمْ غيْرُ ملُومِين فمنِ ابتغى وراء ذلك فأُوْلئِك هُمُ العادون} سبق تفسيره في سورة المؤمنين على وجه مستوفي فتذكره.
{والذين هُمْ لأماناتهم وعهْدِهِمْ راعون}
لا يخلون بشيء من حقوقها وكأنه لكثرة الأمانة جمعت ولم يجمع العهد قبل إيذانا بأنه ليس كالأمانة كثرة وقيل لأنه مصدر ويدل على كثرة الأمانة ما روى الكلبي كل أحد مؤتمن على ما اقترض عليه من العقائد والأقوال والأحوال والأفعال ومن الحقوق في الأموال وحقوق الأهل والعيال وسائر الأقارب والمملوكين والجار وسائر المسلمين وقال السدي أن حقوق الشرع كلها أمانات قد قبلها المؤمن وضمن أداءها بقبول الايمان وقيل كل ما أعطاه الله تعالى للعبد من الأعضاء وغيرها أمانة عنده فمن استعمل ذلك في غير ما أعطاه لأجله وأذن سبحانه له به فقد خان الأمانة والخيانة فيها وكذا الغدر بالعهد من الكبائر على ما نص غير واحد وقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر مرفوعا أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وأخرج البيهقي في (شعب الايمان) عن أنس قال«ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» وقرأ ابن كثير {لأمانتهم} بالإفراد على إرادة الجنس.
{والّذِين هُمْ بشهاداتهم قائِمُون} مقيمون لها بالعدل غير منكرين لها أو لشيء منها ولا مخفين إحياء لحقوق الناس فيما يتعلق بها وتعظيما لأمر الله عز وجل فيما يتعلق بحقوقه سبحانه وخص بعضهم الشهادة بما يتعلق بحقوق العباد وذكر أنها مندرجة في الأمانات إلا أنها خصت بالذكر لإبانة فضلها وجمعها لاختلاف الأنواع ولو لم يعتبر ذلك أفرد على ما قيل لأنها مصدر شامل للقليل والكثير وقرأ الجمهور بالإفراد على ما سمعت آنفا.
{والّذِين هُمْ على صلاتِهِمْ يُحافِظُون} أي يراعون شرائطها ويكملون فرائضها وسننها ومستحباتها باستعارة الحفظ من الضياع للاتمام والتكميل وهذاغير الدوام فإنه يرجع إلى أنفس الصلوات وهذا يرجع إلى أحوالها فلا يتكرر مع ما سبق من قوله تعالى: {الذين هم على صلاتهم دائمون} [المعارج: 23] وكأنه لما كان ما يراعى في إتمام الصلاة وتكميلها مما يتفاوت بحسب الأوقات جيء بالمضارع الدال على التجدد كذا قيل وقيل: إن الإتيان به مع تقديم هم لمزيد الاعتناء بهذا الحكم لماأن أمر التقوى في مثل ذلك أقوى منه في مثل هم محافظون واعتبر هذا هنا دون ما في الصدر لأن المراعاة المذكورة كثيرا ما يغفل عنها وفي افتتاح الأوصاف بما يتعلق بالصلاة واختتامها به دلالة على شرفها وعلو قدرها لأنها معراج المؤمنين ومناجاة رب العالمين ولذا جعلت قرة عين سيد المرسلين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وتكرير الموصولات لتنزيل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات إيذانا بأن كل واحد من الأوصاف المذكورة نعت جليل على حياله له شأن خطير مستتبع لأحكام جمة حقيق بأن يفرد له موصوف مستقل ولا يجعل شيء منها تتمة للآخر.
{أولئك} إشارة إلى الموصوفين بما ذكر من الصفات وما فيه من معنى البعد لبعد المشار إليهم إما في الفضل أو في الذكر باعتبار مبدأ الأوصاف المذكورة وهو مبتدأ خبره {فِي جنات} أي مستقرون في جنات لا يقادر قدرها ولا يدرك كنهها وقوله تعالى: {مُّكْرمُون} خبر آخر أو هو الخبر و{في جنات} متعلق به قدم عليه للاهتمام مع مراعاة الفواصل أو بمضمر هو حال من الضمير في الخبر أي مكرمون كائنين في جنات. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{إِنّ الْإِنْسان خُلِق هلُوعا (19)}
معترضة بين {من أدبر وتولّى وجمع فأوعى} [المعارج: 1718] وبين الاستثناء {إلاّ المصلّين} [المعارج: 22] إلخ.
وهي تذييل لجملة {وجمع فأوعى} تنبيها على خصلةٍ تخامر نفوس البشر فتحملهم على الحرص لنيل النافع وعلى الاحتفاظ به خشية نفاده لما فيهم من خلق الهلع.
وهذا تذييل لوْم وليس في مساقه عُذر لمن جمع فأوعى، ولا هو تعليل لفعله.
وموقع حرف التوكيد ما تتضمنه الجملة من التعجيب من هذه الخصلة البشرية، فالتأكيد لمجرد الاهتمام بالخبر ولفت الأنظار إليه والتعريضضِ بالحذر منه.
والمقصود من التذييل هو قوله: {وإذا مسّه الخير منوعا} وأما قوله: {إذا مسه الشر جزوعا} فتمهيد وتتميم لحالتيه.
فالمراد بالإِنسان: جنس الإِنسان لا فرد معيّن كقوله تعالى: {إن الإِنسان ليطْغى أن رآه استغنى} [العلق: 67] وقوله: {خلق الإِنسان من عجل} [الأنبياء: 37]، ونظائر ذلك كثيرة في القرآن.
وهلوع: فعول مثال مبالغة للاتصاف بالهلع.
والهلع لفظ غامض من غوامض اللّغة قد تساءل العلماء عنه، قال (الكشاف): وعن أحمد بن يحيى (هو ثعلب) قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر: ما الهلع؟ فقلت: قد فسره الله ولا يكون تفسير أبْين من تفسيره وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس. اهـ.
فسارت كلمة ثعلب مسيرا أقنع كثيرا من اللغويين عن زيادة الضبط لمعنى الهلع.
وهي كلمة لا تخلو عن تسامح وقلة تحديد للمعنى لأنه إذا كان قول الله تعالى: {إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} تفسيرا لمدلول الجزوع، تعيّن أن يكون مدلول الكلمة معنى مركبا من معنيي الجملتين لتكون الجملتان تفسيرا له، وظاهر أن المعنيين ليس بينهما تلازم، وكثيرا من أئمة اللغة فسر الهلع بالجزع، أو بشدة الجزع، أو بأفحش الجزع، والجزع: أثر من آثار الهلع وليس عينه، فإن ذلك لا يستقيم في قول عمرو بن معد يكرب:
ما إن جزِعْتُ ولا هلِعْتُ ** ولا يرُدُّ بُكاي زنْدا

إذ عطف نفي الهلع على نفي الجزع، ولو كان الهلع هو الجزع لم يحسن العطف، ولو كان الهلع أشد الجزع كان عطف نفيه على نفي الجزع حشوا.
ولذلك تكلّف المرزوقي في (شرح الحماسة) لمعنى البيت تكلفا لم يُغن عنه شيئا قال: فكأنه قال: ما حزنت عليه حزنا هيِّنا قريبا ولا فظيعا شديدا، وهذا نفي للحزن رأسا كقولك: ما رأيت صغيرهم ولا كبيرهم.اهـ.
والذي استخلصته من تتبع استعمالات كلمة الهلع أن الهلع قلة إمساك النفس عند اعتراء ما يُحزنها أو ما يسرها أو عند توقع ذلك والإشفاقِ منه.
وأما الجزع فمن آثار الهلع، وقد فسر بعض أهل اللغة الهلع بالشره، وبعضهم بالضجر، وبعضهم بالشح، وبعضهم بالجوع، وبعضهم بالجبن عند اللقاء.
وما ذكرناه في ضبطه يجمع هذه المعاني ويريك أنها آثار لصفة الهلع.
ومعنى {خُلق هلوعا}: أن الهلع طبيعة كامنة فيه مع خلقه تظهر عند ابتداء شعوره بالنافع والمضار فهو من طباعه المخلوقة كغيرها من طباعه البشرية، إذ ليس في تعلُّق الحال بعاملها دلالة على قصر العامل عليها، ولا في اتصاف صاحب الحال بالحال دلالة على أنه لا صفة له غيرها، وقد تكون للشيء الحالة وضدها باختلاف الأزمان والدواعي، وبذلك يستقيم تعلق النهي عن حالٍ مع تحقق تمكن ضدها من المنهي لأن عليه أن يروض نفسه على مقاومة النقائص وإزالتها عنه، وإِذْ ذكر الله الهلع هنا عقب مذمّة الجمع والإِيعاء، فقد أشعر بأن الإِنسان يستطيع أن يكف عن هلعه إذا تدبر في العواقب فيكون في قوله: {خُلق هلوعا} كناية بالخلْق عن تمكن ذلك الخُلق منه وغلبته على نفسه.
والمعنى: أن من مقتضى تركيب الإِدراك البشري أن يحدث فيه الهلع.
بيان ذلك أن تركيب المدارك البشرية رُكِّز بحكمة دقيقة تجعلها قادرة على الفعل والكف، وساعية إلى المُلائم ومعرضة عن المنافر.
وجعلت فيها قوى متضادة الآثار يتصرف العقل والإِدراك في استخدامها كما يُجب في حدود المقدرة البدنية التي أُعطها النوع والتي أعطيها أفراد النوع، كل ذلك ليصلُح الإِنسانُ لإِعمار هذا العالم الأرضي الذي جعله الله خليفة فيه ليصلحه إصلاحا يشمله ويشمل من معه في هذا العالم إعدادا لصلاحيته لإعمار عالم الخلود، ثم جعل له إدراكا يميز الفرق بين آثار الموجودات وآثار أفعالها بين النافع منها والضار والذي لا نفع فيه ولا ضر.
وخلق فيه إلهاما يُحِب النافع ويكره الضار، غير أن اختلاط الوصفين في بعض الأفعال وبعض الذوات قد يُريه الحال النافع منها ولا يريه الحال الضارّ فيبْتغي ما يظنه نافعا غير شاعر بما في مطاويه من أضرار في العاجل والآجل، أو شاعرا بذلك ولكن شغفه بحصول النفع العاجل يرجِّح عنده تناوله الآن لعدم صبره على تركه مقدِّرا معاذير أو حِيلا يقتحم بها ما فيه من ضر آجل.
وإِن اختلاط القوى الباطنية مع حركات التفكير قد تستر عنْه ضُرّ الضار ونفع النافع فلا يهتدي إلى ما ينبغي سلوكه أو تجنبه، وقد لا تستر عنه ذلك ولكنها تُحدث فيه إيثارا لاتباع الضار لملاءمة فيه ولو في وقت أو عند عارض، إعراضا عن اتباع النافع لكلفةٍ في فعله أو منافرة لوجدانه، وذلك من اشتمال تركيب قُواه الباعثة والصارفة وآلاتها التي بها تعمل وتدفع على شيء من التعاكس في أعمالها، فحدثت من هذا التركيب والبديع صلاحية للوفاء بالتدبير الصالح المنوط بعهدة الإنسان، وصلاحية لإِفساد ذلك أو بعثرته.
غير أن الله جعل للإِنسان عقلا وحكمة إن هو أحسن استعمالهما نخلتْ صفاته، وثقّفت من قناتِه، ولم يُخْلِه من دعاة إلى الخير يصفون له كيف يريض جامح نفْسه، وكيف يُوفق بين إدراكه وحِسّه، وهؤلاء هم الرسل والأنبياء والحكماء.
فإذا أُخبر عن الإِنسان بشدة تلبسه ببعض النقائص وجُعل ذلك في قالب أنه جبل عليه فالمقصود من ذلك: إلقاء تبِعة ذلك عليه لأنه فرط في إِراضة نفسه على ما فيها من جبلة الخير، وأرخى لها العنان إلى غاية الشر، وفرط في نصائح الشرائع والحكماء.
وإذا أُسند ما يأتيه الإِنسان من الخير إلى الله تعالى فالمقصود: التنبيه إلى نعمة الله عليه بخلق القوة الجالبة للخير فيه، ونعمة إرشاده وإيقاظه إلى الحق، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [النساء: 79] عقب قوله: {قلْ كلٌّ من عند الله فمالِ هؤُلاءِ الْقوْمِ لا يكادُون يفْقهُون حديثا} [النساء: 78].
وفي هذا المجال زلت أفهام المعتزلة، وحلِكتْ عليهم الأجواء، ففكروا وقدّروا، وما استطاعوا مخلصا وما قدروا.
واعلم أن كلمة {خُلق الإنسان} إذا تعلق بها ما ليس من المواد مثل {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمْشاج} [الإنسان: 2] بل كان من الأخلاق والغرائز قد يُعنى بها التنبيه على جبلة الإِنسان وأنها تسرع إلى الاعتلاق بمشاعره عند تصرفاته تعريضا بذلك لوجوب الحذر من غوائلها نحو {خلق الإنسان من عجل} [الأنبياء: 37] {إن الإِنسان خلق هلوعا}، وقد ترد للعذر والرفق نحو قوله: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإِنسان ضعيفا} [النساء: 28]، وقد ترد لبيان أصل ما فُطر عليه الإِنسان وما طرأ عليه من سوء تصرفه في أفعاله كما في قوله تعالى: {لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين} [التين: 45] ففعل الخلق من كذا مستعار لكثرة الملابسة.
قال عروة بن أذيْنة:
إن التي زعمتْ فؤادك ملّها ** خُلِقتْ هواك كما خُلِقْت هوى لها

أراد إبطال أن يكون ملّها بحجة أنها خُلقت حبيبة له كما خُلق محبوبها، أي إن محبته إياها لا تنفك عنه.
والهلع: صفة غير محمودة، فوصف الإِنسان هنا بها لوْم عليه في تقصيره عن التخلق بدفع آثارها، ولذلك ذيل به قوله: {وجمع فأوعى} [المعارج: 18] على كلا معنييه.
وانتصب {جزوعا} على الحال من الضمير المستتر في {هلوعا} أو على البدل بدل اشتمال لأن حال الهلع يشتمل على الجزع عند مس الشر.
وقوله: {منوعا} عطف على {جزوعا} أي خلق هلوعا في حال كونه جزوعا إذا مسه الشر، ومنوعا إذا مسه الخير.
و{الشر}: الأذى مثل المرض والفقر.
و{الخير}: ما ينفع الإنسان ويلائم رغباته مثل الصحة والغنى.
والجزوع: الشديد الجزع، والجزع: ضد الصبر.
والمنوع: الكثير المنع، أي شديد المنع لبذل شيء مما عنده من الخير.
و{إذا} في الموضعين ظرفان يتعلقان كل واحد بما اتصل به من وصفي {جزوعا ومنوعا إِلّا الْمُصلِّين (22) الّذِين هُمْ على صلاتِهِمْ دائِمُون (23)} استثناء منقطع ناشئ عن الوعيد المبتدأ به من قوله: {يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ} [المعارج: 11] الآية.
فالمعنى على الاستدراك.
والتقدير: لكن المصلين الموصوفين بكيْت وكيْتتِ أولئك في جنات مكرمون.
فجملة {أولئك في جنات مكرمون} حيث وقعت بعد {إلاّ} المنقطعة وهي بمعنى (لكنّ) فلها حكم الجملة المخبر بها عن اسم (لكنّ) المشددة أو عن المبتدأ الواقع بعد (لكنْ) المخففة وهو ما حققه الدماميني، وإن كان ابن هشام رأى عدّ الجملة بعد الاستثناء المنقطع في عداد الجمل التي لا محلّ لها من الإِعراب.
والكلام استئناف بياني لمقابلة أحوال المؤمنين بأحوال الكافرين، ووعدهم بوعيدهم على عادة القرآن في أمثال هذه المقابلة.
وهذه صفات ثمان هي من شعار المسلمين، فعدل عن إحضارهم بوصف المسلمين إلى تعداد خصال من خصالهم إطنابا في الثناء عليهم لأن مقام الثناء مقام إطناب، وتنبيها على أن كلّ صلة من هذه الصلات الثمان هي من أسباب الكون في الجنات.
وهذه الصفات لا يشاركهم المشركون في معظمها بالمرة، وبعضها قد يتصف به المشركون ولكنهم لا يراعونه حق مراعاته باطراد، وذلك حفظ الأمانات والعهد، فالمشرك يحفظ الأمانة والعهد اتقاء مذمة الخيانة والغدْر، ومع أحلافه دون أعدائِه، والمشرك يشهد بالصدق إذا لم يكن له هوى في الكذب، وإذا خشي أن يوصم بالكذب.
وقد غدر المشركون بالمسلمين في عدة حوادث، وغدر بعضهم بعضا، فلو علم المشرك أنه لا يطلع على كذبه وكان له هوى لم يؤد الشهادة.
ولما كان وصف {المصلين} غلب على المسلمين كما دل عليه قوله تعالى: {ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين} الآية [المدثر: 42، 43]، أتبع وصف المصلين في الآية هذه بوصف {الذين هم على صلاتهم دائمون} أي مواظبون على صلاتهم لا يتخلفون عن أدائها ولا يتركونها.
والدوام على الشيء: عدم تركه، وذلك في كل عمل بحسب ما يعتبر دواما فيه، كما تقرر في أصول الفقه في مسألة إفادة الأمر التكرار.
وفي إضافة (صلاة) إلى ضمير {المصلين} تنويه باختصاصها بهم، وهذا الوصف للمسلمين مُقابل وصف الكافرين في قوله: {بعذاب واقع للكافرين} [المعارج: 1، 2].
ومجيء الصلة جملة اسمية دون أن يقال: الذين يدومون، لقصد إفادتها الثبات تقوية كمفاد الدوام.
وإعادة اسم الموصول مع الصِّلات المعطوفة على قوله: {الذين هم على صلاتهم دائمون} لمزيد العناية بأصحاب تلك الصِّلات.
وتسمية ما يعطونه من أموالهم من الصدقات باسم {حق} للإِشارة إلى أنهم جعلوا السائل والمحروم كالشركاء لهم في أموالهم من فرط رغبتهم في مواساة إخوانهم إذ لم تكن الصدقة يومئذٍ واجبة ولم تكن الزكاة قد فرضت.
ومعنى كون الحق معلوما أنه يعلمه كل واحد منهم ويحسبونه، ويعلمه السائل والمحروم بما اعتاد منهم.
ومجيء الصلة جملة اسمية لإِفادة ثبات هذه الخصلة فيهم وتمكنها منهم دفعا لتوهم الشح في بعض الأحيان لما هو معروف بين غالب الناس من معاودة الشحّ للنفوس.
والسائل: هو المستعطي، و{المحروم}: الذي لا يسأل الناس تعففا مع احتياجه فلا يتفطن له كثير من الناس فيبقى كالمحروم.
وأصل المحروم: الممنوع من مرغوبه، وتقدم في سورة الذاريات (19) في قوله: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}
وهذه الصفة للمؤمنين مضادة صفة الكافرين المتقدمة في قوله:{وجمع فأوعى} [المعارج: 18].
والتصديق بيوم الدين هو الإِيمان بوقوع البعث والجزاءِ، و{الدينُ}: الجزاء.
وهذا الوصف مقابل وصف الكافرين بقوله: {إنهم يرونه بعيدا} [المعارج: 6].
ولما كان التصديق من عمل القلب لم يتصور أن يكون فيه تفاوت أُتي بالجملة الفعلية على الأصل في صلة الموصول، وأوثر فيها الفعل المضارع لدلالته على الاستمرار.
ووصفهم بأنهم {من عذاب ربهم مشفقون} مقابل قوله في حق الكافرين {سال سائل بعذاب واقع للكافرين} [المعارج: 1، 2] لأن سؤالهم سؤال مستخف بذلك ومحيله.
والإِشفاق: توقع حصول المكروه وأخذُ الحذر منه.
وصوغ الصلة بالجملة الاسمية لتحقيق وثبات اتصافهم بهذا الإِشفاق لأنه من المغيبات، فمن شأن كثير من الناس التردد فيه.
وجملة {إن عذاب ربهم غير مأمون} معترضة، أي غير مأمون لهم، وهذا تعريض بزعم المشركين الأمْن منه إذ قالوا: {وما نحن بمعذبين} [الشعراء: 138].
ووصفُهم بأنهم {لفروجهم حافظون} مقابل قوله في تهويل حال المشركين يوم الجزاء بقوله: {ولا يسْأل حميم حميما} [المعارج: 10] إذ أخص الأحِمّاء بالرجل زوجه، فقصد التعريض بالمشركين بأن هذا الهول خاص بهم بخلاف المسلمين فإنهم هم وأزواجهم يحبرون لأنهم اتقوا الله في العفة عن غير الأزواج، قال تعالى: {الأخلاّءُ يومئذٍ بعضهم لبعض عدوّ إلاّ المتقين} [الزخرف: 67].
وتقدم نظير هذا في سورة المؤمنين، أي ليس في المسلمين سفاح ولا زنا ولا مخالّة ولا بغاء، ولذلك عقب بالتفريع بقوله: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.
والعادي: المفسد، أي هم الذين أفسدوا فاختلطت أنسابهم وتطرقت الشكوك إلى حصانة نسائهم، ودخلت الفوضى في نظم عائلاتهم، ونشأت بينهم الإِحن من الغيرة.
وذكرُ رعي الأمانات والعهد لمناسبة وصف ما يودّ الكافر يوم الجزاء أن يفتديه من العذاب بفصيلته التي تؤويه فيذهب منه رعي العهود التي يجب الوفاء بها للقبيلة.
وحسبك من تشويه حاله أنه قد نكث العهود التي كانت عليه لقومه من الدفاع عن حقيقتهم بنفسه وكان يفديهم بنفسه، والمسلم لما كان يرعى العهد بما يمليه عليه دينه جازاه الله بأن دفع عنه خزي ودادة فدائه نفسه بمواليه وأهل عهده.
والقول في اسمية الصلة كالقول في الذي قبله.
والرعي: الحفظ والحراسة.
وأصله رعي الغنم والإِبل.
وقرأ الجمهور {لأماناتهم} بصيغة الجمع.
وقرأه ابن كثير {لأمانتهم} بالإِفراد والمراد الجنس.
وقوله: {والذين هم بشهادتهم قائمون} ذكر لمناسبة ذكر رعي الأمانات إذ الشهادة من جملة الأمانات لأن حق المشهود له وديعة في حفظ الشاهد فإذا أدى شهادته فكأنه أدى أمانة لصاحب الحق المشهود له كانت في حفظ الشاهد.
ولذلك كان أداء الشهادة إذا طولب به الشاهد واجبا عليه، قال تعالى: {ولا يأب الشهداء إذا ما دُعوا} [البقرة: 282].
والقيام بالشهادة: الاهتمام بها وحفظها إلى أن تؤدى، وهذا قيام مجازي كما تقدم عند قوله تعالى: {ويقيمون الصلاة} في سورة البقرة (3).
وباء {بشهادتهم} للمصاحبة، أي يقومون مصاحبين للشهادة ويصير معنى الباء في الاستعارة معنى التعدية.
فذكر القيام بالشهادة إتمام لخصال أهل الإِسلام فلا يتطلب له مقابل من خصال أهل الشرك المذكورة فيما تقدم.
والقول في اسمية جملة الصلة للغرض الذي تقدم لأن أداء الشهادة يشق على الناس إذ قد يكون المشهود عليه قريبا أو صديقا، وقد تثير الشهادة على المرء إِحْنة منه وعداوة.
وقرأ الجمهور {بشهادتهم} بصيغة الإِفراد، وهو اسم جنس يعم جميع الشهادات التي تحملوها.
وقرأ حفص ويعقوب {بشهاداتهم} بصيغة الجمع.
وذلك على اعتبار جمع المضاف إليه.
وقوله: {والذين هم على صلاتهم يحافظون} ثناء عليهم بعنايتهم بالصلاة من أن يعتريها شيء يخل بكمالها، لأن مادة المفاعلة هنا للمبالغة في الحفظ مثل: عافاه الله، وقاتله الله، فالمحافظة راجعة إلى استكمال أركان الصلاة وشروطها وأوقاتها.
وإيثار الفعل المضارع لإِفادة تجدد ذلك الحفاظ وعدم التهاون به، وبذلك تعلم أن هذه الجملة ليست مجرد تأكيد لجملة {الذين هم على صلاتهم دائمون} بل فيها زيادة معنى مع حصول الغرض من التأكيد بإعادة ما يفيد عنايتهم بالصلاة في كلتا الجملتين.
وفي الأخبار النبوية أخبار كثيرة عن فضيلة الصلاة، وأن الصلوات تكفر الذنوب كحديث «ما يُدريكم ما بلغتْ به صلاته».
وقد حصل بين أخرى هذه الصلات وبين أولاها محسن رد العجز على الصدر.
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله: {والذين هم على صلاتهم يحافظون} يفيد تقوية الخبر مع إفادة التجدد من الفعل المضارع.
ولما أُجريت عليهم هذه الصفات الجليلة أخبر عن جزائهم عليها بأنهم مُكرمون في الجنة.
وجيء باسم الإشارة للتنبيه على أنهم استحقوا ما بعد اسم الإشارة من أجْل ما سبق قبل اسم الإشارة كما تقدم في قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} في سورة البقرة (5).
والإِكرام: التعظيم وحسن اللقاء، أي هم مع جزائهم بنعيم الجنات يكرمون بحسن اللقاء والثناء، قال تعالى: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} [الرعد: 23، 24] وقال: {ورضوان من الله أكبر} [التوبة: 72].
وهذا يقتضي أن يكون قوله: {في جنات} خبرا عن اسم الإِشارة وقوله: {مكرمون} خبرا ثانيا. اهـ.